وجه بعض المتشددين الإيرانيين انتقادات حذرة- وإن كانت نادرة- عبر الإنترنت ضد الحرس الثوري الإيراني وقائد جناحه الخارجي، فيلق القدس، إسماعيل قآاني بسبب الإطاحة بحلفاء طهران في سوريا.
وقد عبر المتشددون الذين يطلقون على أنفسهم اسم "أرزشي" أو "حراس قيم الجمهورية الإسلامية" عن استيائهم تجاه قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني عبر منصات مغلقة مثل "إيتا" المحلية و"تلغرام".
وكتب أحدهم: "لماذا لا يتحدث أحد؟ لماذا توقفت رحلات شركة طيران إيران إلى دمشق وأيضا رحلات العراق إلى هناك؟ لماذا أُغلقت الحدود اللبنانية مع سوريا؟ لماذا لم يسمحوا لنا بالذهاب للقتال؟". وأشار إلى صمت "فيلق القدس"، رأس الحربة الإقليمية للحرس الثوري الإيراني، عن الأحداث.
وفي تعليق آخر يوم الثلاثاء الماضي، استخدم أحدهم وسمَيْ قاآني وفيلق القدس ليقول: "قُتل قادة حزب الله، وانسحب محور المقاومة من سوريا، ومع ذلك لم يسمع أحد شيئًا من قائد فيلق القدس".
كما أشار بعض المتشددين إلى غياب قاآني عن الجلسة المغلقة للبرلمان مع قائد الحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، يوم الخميس، وتساءلوا عما إذا كان قد أُقيل من قبل المرشد علي خامنئي.
يذكر أن ظهور قاآني علنًا يعد نادرًا منذ أكتوبر (تشرين الأول). واعتبر المعلقون غيابه في ذلك الوقت إشارة إلى احتمال فقدانه الدعم، خاصة بعد الانتكاسات الكبيرة التي تعرض لها حزب الله على يد إسرائيل، بما في ذلك اغتيال زعيمه حسن نصرالله مع أحد كبار قادة فيلق القدس.
وكان آخر ظهور لقاآني في مجلس عزاء بمقر خامنئي يوم 7 ديسمبر (كانون الأول)، حيث أشارت وسائل الإعلام الإيرانية إلى أنه ظهر بملابس مدنية، على عكس بقية القادة العسكريين الحاضرين في المناسبة.
وقد لعب الحرس الثوري الإيراني وميليشيات أجنبية مثل لواء "فاطميون" و"زينبيون" دورًا حاسمًا في الدفاع عن نظام الأسد خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت لأكثر من عقد.
وفي خطاب ألقاه أول من أمس الأربعاء بشأن التطورات الإقليمية الأخيرة، اتهم خامنئي الولايات المتحدة وإسرائيل بتدبير الإطاحة ببشار الأسد، إلا أن التلفزيون الحكومي الإيراني لم يبث الخطاب مباشرة، وهو أمر غير معتاد، واكتفى بعرض مقتطفين فقط، في وقت تواجه فيه إيران بعض أقوى الضربات لنفوذها الإقليمي منذ قرابة نصف قرن.
وقد مثّل سقوط الأسد تحديًا كبيرًا للمعلقين الذين يدّعون أنهم "حراس للقيم الثورية الإسلامية"، حيث يجدون صعوبة في تفسير الأحداث دون انتقاد الحاكم الأعلى للنظام، خامنئي.
ووجه معظمهم انتقاداتهم للمؤسسات العسكرية. ووفقًا لتعليق نشره موقع "رويداد24" المستقل نسبيًا، تحت عنوان: "هل فقد التيار الثوري ثقته في الجيش؟"، جاء فيه: "مع سقوط دمشق ونهاية حكم بشار الأسد في سوريا، فإن مجموعات الفضاء الإلكتروني التي كانت حتى الآن تفسر المعادلات في الشرق الأوسط لصالح إيران، تواجه أزمة تحليلية وتلقي باللوم على أقسام من الحكومة الإيرانية".
وأشار التعليق إلى أن العديد من مجموعات "الأرزشي" تلتزم الصمت، "لأنها لا تجرؤ على الحديث علنًا" عن هذا الموضوع.
وفي أعقاب سقوط الأسد، كثفت السلطات الإيرانية الرقابة، وقد حذرت النيابة العامة الإيرانية أمس الخميس وسائل الإعلام والناشطين على الإنترنت من مناقشة سقوط حليف طهران بشار الأسد في سوريا بأي طريقة قد تهدد الأمن الداخلي.
وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية أن القضاء وجه اتهامات إلى ما لا يقل عن ثمانية معلقين وصحافيين وناشطين بسبب تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن هذا الموضوع.